[size=25]* صـ،ـحافـ،ـة الانـتـ،ـرنـ،ـت *[/size]
يوماً بعد يوم، تحقق الصحافة الإلكترونية أو الإعلام الإلكتروني
أو صحافة الإنترنت – سمها بما شئت - خطوات كبيرة تسبق
فيها التلفزيون والإعلام المكتوب، بل وتجمع كافة أشكال الإعلام
وألوانه في مساحة واحدة صوتا وصورة وكتابة.
فقد أصبحت الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني واقعاً
يفرض نفسه على الساحة الإعلامية، حيث وصل عدد
المستخدمين في جميع أنحاء العالم خلال سنوات قلائل ومع
بداية الألفية الجديدة إلى نحو 160 مليون مستخدم، والذي من
المتوقع وأن يصل إلى 600 مليون مستخدم بنهاية هذا العام.
أول جريدة أون لاين!
وكانت جريدة
الواشنطن بوست الأمريكية، هي أول من قام بإطلاق موقع إخباري إلكتروني في
عام 94، ولقد تكلف تنفيذه آنذاك عشرات من ملايين الدولارات، وقد أطلق على
هذا النوع من النشر مصطلح "الحبر الرقمي"، وكانت هذه هي بداية ظهور الصحف
الإلكترونية التي كانت الشرارة الأولى لظهور الإعلام متعدد الوسائط عن
طريق الربط بين تقنيات الكمبيوتر وبين تقنيات المعلومات.
اليوم، وبعد مرور 12 عاماً فقط على هذا الحدث، أصبح من النادر جدا أن تجد صحيفة أو مؤسسة حكومية أو وزارة لا تمتلك موقعا إلكترونيا.
والإحصاءات
تشير إلى وجود 65 مليون موقع على الإنترنت حتى عام 2000 فقط، منها 7000
موقع باللغة العربية، هذا في الوقت الذي يبلغ فيه عدد الصحف العربية
اليومية المطبوعة 140 صحيفة، تصدر من داخل البلدان العربية، بالإضافة إلى
ثمان صحف تصدر في الخارج، ويتوافر من تلك الصحف على الإنترنت 76 صحيفة
تمثل 54% من مجموع الصحف العربية اليومية منها 68 تصدر داخل حدود البلدان
العربية و8 تصدر من الخارج.
في
الوقت الذي دخلت فيه الصحافة العربية باب الطباعة والإعداد الإلكتروني من
خلال صحيفة "الحياة" عام 1988 من خلال استخدام تكنولوجيا النشر المكتبي
واستخدام الكومبيوتر في إنتاج النصوص وتصميم الصفحات فقط، قبل أن تدخل
عالم الإنترنت، بعد عدة سنوات في النصف الثاني من التسعينيات.
ومع
عملية التطوير والتطور السريع في عالم الإنترنت، تطور عدد المواقع
الإلكترونية التي بدأت من مواقع لشبكات إذاعية وتلفزيونية كبرى تحتكر
المعلومات مثل الـBBC والـCNN والجزيرة إلى مواقع خاصة مستقلة.
"رأي إلكتروني" على كل لون!
ورغم
كل هذا التقدم، إلا أن الإنجاز الأكبر في عالم الواقع الإنترنتي الافتراضي
لم يأت إلا بعد أن أخذ الرأي الالكتروني حيزه من الحرية، التي اتخذت
بدورها أشكالا متعددة، بعضها فوضوي، وبعده متطرف، وأكثرها منضبط، ولعل
المنتديات والمجموعات البريدية أحد أشكال هذا الرأي، الذي يعبر عن شريحة
واسعة من المتلقين والمتصفحين للإنترنت.
إذ
يمكننا القول أن الإنترنت لم تشهد ميلاد الصحافة الإلكترونية إلا عبر
المنتديات الحوارية، التي امتلأت بآراء وأفكار حرة غير خاضعة لمقص الرقيب،
مثلما يحدث في المواقع الكبرى، ثم، ومن خلالها، بدأ أصحاب الآراء الواحدة
يشكلون فيما بينهم مجموعات داخل المنتديات ليتبادلوا فيها الحوارات
والمناقشات الجادة والخفيفة.
ثم
تطور الرأي على الإنترنت إلى ما يسمى اليوم صحافة "البلوج Blog" التي جعلت
من المواطن البسيط صحفياً تفرد له المؤسسات الإعلامية الكبرى مساحة في
نشراتها الإخبارية.
أما المجموعات
البريدية E-Groups وبيانات الإنترنت Online Petitions، فنجحت هي الأخرى في
رسم دور إلكتروني محوري لنفسها، فقبل أشهر قليلة نجحت إحدى المجموعات
البريدية الإسلامية مستعينة بمواقع جمع التوقيعات، بإقالة مذيع أمريكي
يعمل في إحدى المحطات الإذاعية من خلال حملة لجمع التواقيع بسبب تهجمه على
الدين الإسلامي.
وليس
ببعيد لعبت هذه المجموعة ومجموعات أخرى على الإنترنت دورا كبيرا في الدفاع
عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في وجه حملة الإساءة المتكررة لشخصه
في الصحافة الغربية، ونجح آخرون في وقف بث ملف مصور يسيء إلى الإسلام من
على نتائج البحث على موقع جوجل Google، وهي نفس المجموعة التي أوقفت
إعلانات (خارجة) كانت تذاع بالتليفزيون المصري في عام 2002.
إعلام شعبي!
"اصنع
إعلامك بنفسك"، هكذا يمكننا أن نسمي المرحلة التي تمر بها شعوب الإنترنت
العربية الآن، فقد نشأت فرضية مفادها أن الامتلاك الوافر والسهل للكثير من
الناس لإمكانيات النشر سوف يُغيّر جذرياً طبيعة بناء "الرأي العام".
فإذا
كانت الإنترنت تتيح التواصل مع العالم بأكمله، فبالتالي ستتغير أيضاً بشكل
حاسم عملية تشكيل الرأي العام في البلدان العربية – الإسلامية. ومن الممكن
أن يُحدِث تطور كهذا نتيجتين مهمتين، وهما: الاشتراك العريض لقطاعات واسعة
من المجتمع في بناء الرأي العام، وتبعاً لذلك مشاركة عامة أوسع في مراحل
اتخاذ القرار.
ووفق
المعطيات هذه يمكن القول أن شبكة الإنترنت ساهمت إلى حد كبير في انتشار
"الديمقراطية" بمفهومها الخاص بالحريات في العالم الإسلامي، وهي في معنى
آخر زادت منسوب الجرأة وحرية الرأي وعملية المشاركة.
ويمكن
القول أيضاً أن استخدام الإنترنت سيزيد من عدد ودور المشاركين في قضايا
بناء الرأي العام في العالم الإسلامي، وبالتالي فإن هيمنة السلطات
التقليدية على بناء الرأي ستكون مهددة، إذ سيكون من الطبيعي لمستخدمي
الإنترنت أن يبنوا آراءهم بأنفسهم بدلاً من الرجوع إلى المصادر السلطوية
أو الأخذ بالآراء الموجودة والجاهزة بدون أي تساؤلات.
وليس
أدل على ذلك، من أن صورة "خطيبة" نجل الرئيس المصري، ظهرت لأول مرة على
الإنترنت ومنها انتقلت إلى الجرائد، إذ أن الإنترنت أصبحت مصدراً رئيسياَ،
وأحياناً حصرياً للأنباء.
وفي
أحيان أخرى، تُستخدم الإنترنت كبالون اختبار أو كتسريب للمعلومات التي
يخشى كثيرون بثها على وسائل أكثر جماهيرية مثل الفضائيات، ونذكر هنا خبر
نشره موقع المحطة الفضائية الإخبارية، sky news على الإنترنت عندما نشر
الموقع، وليس القناة، يوم دخول القوات الأمريكية إلى الفلوجة في أبريل
2004، نشرت أن ما يزيد عن ألف جندي أمريكي لقي مصرعه في يوم واحد، وهو ما
نفته البنتاجون، وقناة Sky news نفسها فيما بعد.
حرية ع المحك؟!
في
وسط كل هذه المؤشرات، يبرز تحدي مدى استمرارية "حرية الإنترنت" في أعقاب
أحداث 11 سبتمبر، التي فجرت قضية الرقابة على السطح، خاصة في مواجهة
المواقع الإسلامية "الجهادية"، والمنتديات الحوارية، وتحول الأمر إلى
تعبئة عامة دفع دولا عربية وغربية كثيرة لعمل تنقية وفلترة للكثير من
المواقع والصحف الإلكترونية وفرض حظر عليها داخل الدولة، حيث تفننت بعض
الدول في تحجيم دور الصحافة الإلكترونية من خلال وضع بروكسى Proxy، أو حجب
block تلك الصحف داخل الدولة.
وأتي
ذلك بالطبع بجانب تهافت مواقع مثل هوت ميل وياهو على تقديم فروض الولاء
والطاعة للولايات المتحدة بتسريب مضمون ملايين نصوص رسائل البريد
الإلكتروني العربية للإدارة الأمريكية، من أجل مباركة الحرب على ما يسمى
بـ"الإرهاب".
وفي
الكفة الأخرى، صارت الإنترنت بوابة "أساسية" لتمرير المعلومات لمحبي
ومؤيدي ومتابعي ومطاردي تنظيم القاعدة، فقد أصبحت مواقع المنتديات
"الجهادية" قبلة لكل وكالات الأنباء؛ لمعرفة الجديد في عالم "ذبح الرهائن"!
وهو
الأمر الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تصدر أوامر شفوية للشركات
المزودة للإنترنت داخلها والشركات المهيمنة على الإنترنت بضرورة التخلص من
المواقع التي تسبب لسياسة أمريكا الصداع، مما أدى في النهاية إلى إغلاق
آلاف المواقع التي كانت تناهض سياسة واشنطن في العالم.
سباق عتيد!
نعود
كما بدأنا للحديث عن الصحافة، فهناك نظرية تقول أن "صحافة الإنترنت أكثر
حرية من الصحافة الورقية"، وهي فرضية حققت نفسها على أرض الواقع
الافتراضي، لكن ما هو مستقبل تلك الصحافة في مواجهة الصحافة الورقية؟!..
ومن سيفوز في سباق الفوز بالجماهير؟!
كثيرون
بالطبع سوف يجيبون بأن صحافة الإنترنت ستفوز لا محالة، ولكن نظرة دقيقة
للأمور قد تشير إلى أن المنافسة "حامية الوطيس" كما يقولون، وذلك بسبب
ندرة الصحفي الإلكتروني المتخصص، الذي يجمع ما بين الخبرة التحريرية
الصحفي والخبرة في تطبيقات الحاسب والإنترنت، عدم وضوح الرؤية المتعلقة
بمستقبل هذا النوع من الإعلام.
ورغم أن "صحافة البلوجز أو البلوجرز" أثبتت تفوقها، ولكن هناك بالتأكيد غياب للرأي الالكتروني المتميز والحرفي، هذا بجانب غياب عائد السوق (لا تزال الصحافة الالكترونية بلا مردود في ظل غياب المعلن) الذي يشعر بعدم الثقة في هذا الوسيط الإعلامي.
كل هذا يبرز
وسط غياب التشريعات والقوانين الخاصة بصحافة الإنترنت والعاملين فيها،
فصحافة الإنترنت فردية شخصانية، تعطي الإحساس بأنها لشخص يتعامل مباشرة مع
المعلومات.
يوماً بعد يوم، تحقق الصحافة الإلكترونية أو الإعلام الإلكتروني
أو صحافة الإنترنت – سمها بما شئت - خطوات كبيرة تسبق
فيها التلفزيون والإعلام المكتوب، بل وتجمع كافة أشكال الإعلام
وألوانه في مساحة واحدة صوتا وصورة وكتابة.
فقد أصبحت الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني واقعاً
يفرض نفسه على الساحة الإعلامية، حيث وصل عدد
المستخدمين في جميع أنحاء العالم خلال سنوات قلائل ومع
بداية الألفية الجديدة إلى نحو 160 مليون مستخدم، والذي من
المتوقع وأن يصل إلى 600 مليون مستخدم بنهاية هذا العام.
أول جريدة أون لاين!
وكانت جريدة
الواشنطن بوست الأمريكية، هي أول من قام بإطلاق موقع إخباري إلكتروني في
عام 94، ولقد تكلف تنفيذه آنذاك عشرات من ملايين الدولارات، وقد أطلق على
هذا النوع من النشر مصطلح "الحبر الرقمي"، وكانت هذه هي بداية ظهور الصحف
الإلكترونية التي كانت الشرارة الأولى لظهور الإعلام متعدد الوسائط عن
طريق الربط بين تقنيات الكمبيوتر وبين تقنيات المعلومات.
اليوم، وبعد مرور 12 عاماً فقط على هذا الحدث، أصبح من النادر جدا أن تجد صحيفة أو مؤسسة حكومية أو وزارة لا تمتلك موقعا إلكترونيا.
والإحصاءات
تشير إلى وجود 65 مليون موقع على الإنترنت حتى عام 2000 فقط، منها 7000
موقع باللغة العربية، هذا في الوقت الذي يبلغ فيه عدد الصحف العربية
اليومية المطبوعة 140 صحيفة، تصدر من داخل البلدان العربية، بالإضافة إلى
ثمان صحف تصدر في الخارج، ويتوافر من تلك الصحف على الإنترنت 76 صحيفة
تمثل 54% من مجموع الصحف العربية اليومية منها 68 تصدر داخل حدود البلدان
العربية و8 تصدر من الخارج.
في
الوقت الذي دخلت فيه الصحافة العربية باب الطباعة والإعداد الإلكتروني من
خلال صحيفة "الحياة" عام 1988 من خلال استخدام تكنولوجيا النشر المكتبي
واستخدام الكومبيوتر في إنتاج النصوص وتصميم الصفحات فقط، قبل أن تدخل
عالم الإنترنت، بعد عدة سنوات في النصف الثاني من التسعينيات.
ومع
عملية التطوير والتطور السريع في عالم الإنترنت، تطور عدد المواقع
الإلكترونية التي بدأت من مواقع لشبكات إذاعية وتلفزيونية كبرى تحتكر
المعلومات مثل الـBBC والـCNN والجزيرة إلى مواقع خاصة مستقلة.
"رأي إلكتروني" على كل لون!
ورغم
كل هذا التقدم، إلا أن الإنجاز الأكبر في عالم الواقع الإنترنتي الافتراضي
لم يأت إلا بعد أن أخذ الرأي الالكتروني حيزه من الحرية، التي اتخذت
بدورها أشكالا متعددة، بعضها فوضوي، وبعده متطرف، وأكثرها منضبط، ولعل
المنتديات والمجموعات البريدية أحد أشكال هذا الرأي، الذي يعبر عن شريحة
واسعة من المتلقين والمتصفحين للإنترنت.
إذ
يمكننا القول أن الإنترنت لم تشهد ميلاد الصحافة الإلكترونية إلا عبر
المنتديات الحوارية، التي امتلأت بآراء وأفكار حرة غير خاضعة لمقص الرقيب،
مثلما يحدث في المواقع الكبرى، ثم، ومن خلالها، بدأ أصحاب الآراء الواحدة
يشكلون فيما بينهم مجموعات داخل المنتديات ليتبادلوا فيها الحوارات
والمناقشات الجادة والخفيفة.
ثم
تطور الرأي على الإنترنت إلى ما يسمى اليوم صحافة "البلوج Blog" التي جعلت
من المواطن البسيط صحفياً تفرد له المؤسسات الإعلامية الكبرى مساحة في
نشراتها الإخبارية.
أما المجموعات
البريدية E-Groups وبيانات الإنترنت Online Petitions، فنجحت هي الأخرى في
رسم دور إلكتروني محوري لنفسها، فقبل أشهر قليلة نجحت إحدى المجموعات
البريدية الإسلامية مستعينة بمواقع جمع التوقيعات، بإقالة مذيع أمريكي
يعمل في إحدى المحطات الإذاعية من خلال حملة لجمع التواقيع بسبب تهجمه على
الدين الإسلامي.
وليس
ببعيد لعبت هذه المجموعة ومجموعات أخرى على الإنترنت دورا كبيرا في الدفاع
عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في وجه حملة الإساءة المتكررة لشخصه
في الصحافة الغربية، ونجح آخرون في وقف بث ملف مصور يسيء إلى الإسلام من
على نتائج البحث على موقع جوجل Google، وهي نفس المجموعة التي أوقفت
إعلانات (خارجة) كانت تذاع بالتليفزيون المصري في عام 2002.
إعلام شعبي!
"اصنع
إعلامك بنفسك"، هكذا يمكننا أن نسمي المرحلة التي تمر بها شعوب الإنترنت
العربية الآن، فقد نشأت فرضية مفادها أن الامتلاك الوافر والسهل للكثير من
الناس لإمكانيات النشر سوف يُغيّر جذرياً طبيعة بناء "الرأي العام".
فإذا
كانت الإنترنت تتيح التواصل مع العالم بأكمله، فبالتالي ستتغير أيضاً بشكل
حاسم عملية تشكيل الرأي العام في البلدان العربية – الإسلامية. ومن الممكن
أن يُحدِث تطور كهذا نتيجتين مهمتين، وهما: الاشتراك العريض لقطاعات واسعة
من المجتمع في بناء الرأي العام، وتبعاً لذلك مشاركة عامة أوسع في مراحل
اتخاذ القرار.
ووفق
المعطيات هذه يمكن القول أن شبكة الإنترنت ساهمت إلى حد كبير في انتشار
"الديمقراطية" بمفهومها الخاص بالحريات في العالم الإسلامي، وهي في معنى
آخر زادت منسوب الجرأة وحرية الرأي وعملية المشاركة.
ويمكن
القول أيضاً أن استخدام الإنترنت سيزيد من عدد ودور المشاركين في قضايا
بناء الرأي العام في العالم الإسلامي، وبالتالي فإن هيمنة السلطات
التقليدية على بناء الرأي ستكون مهددة، إذ سيكون من الطبيعي لمستخدمي
الإنترنت أن يبنوا آراءهم بأنفسهم بدلاً من الرجوع إلى المصادر السلطوية
أو الأخذ بالآراء الموجودة والجاهزة بدون أي تساؤلات.
وليس
أدل على ذلك، من أن صورة "خطيبة" نجل الرئيس المصري، ظهرت لأول مرة على
الإنترنت ومنها انتقلت إلى الجرائد، إذ أن الإنترنت أصبحت مصدراً رئيسياَ،
وأحياناً حصرياً للأنباء.
وفي
أحيان أخرى، تُستخدم الإنترنت كبالون اختبار أو كتسريب للمعلومات التي
يخشى كثيرون بثها على وسائل أكثر جماهيرية مثل الفضائيات، ونذكر هنا خبر
نشره موقع المحطة الفضائية الإخبارية، sky news على الإنترنت عندما نشر
الموقع، وليس القناة، يوم دخول القوات الأمريكية إلى الفلوجة في أبريل
2004، نشرت أن ما يزيد عن ألف جندي أمريكي لقي مصرعه في يوم واحد، وهو ما
نفته البنتاجون، وقناة Sky news نفسها فيما بعد.
حرية ع المحك؟!
في
وسط كل هذه المؤشرات، يبرز تحدي مدى استمرارية "حرية الإنترنت" في أعقاب
أحداث 11 سبتمبر، التي فجرت قضية الرقابة على السطح، خاصة في مواجهة
المواقع الإسلامية "الجهادية"، والمنتديات الحوارية، وتحول الأمر إلى
تعبئة عامة دفع دولا عربية وغربية كثيرة لعمل تنقية وفلترة للكثير من
المواقع والصحف الإلكترونية وفرض حظر عليها داخل الدولة، حيث تفننت بعض
الدول في تحجيم دور الصحافة الإلكترونية من خلال وضع بروكسى Proxy، أو حجب
block تلك الصحف داخل الدولة.
وأتي
ذلك بالطبع بجانب تهافت مواقع مثل هوت ميل وياهو على تقديم فروض الولاء
والطاعة للولايات المتحدة بتسريب مضمون ملايين نصوص رسائل البريد
الإلكتروني العربية للإدارة الأمريكية، من أجل مباركة الحرب على ما يسمى
بـ"الإرهاب".
وفي
الكفة الأخرى، صارت الإنترنت بوابة "أساسية" لتمرير المعلومات لمحبي
ومؤيدي ومتابعي ومطاردي تنظيم القاعدة، فقد أصبحت مواقع المنتديات
"الجهادية" قبلة لكل وكالات الأنباء؛ لمعرفة الجديد في عالم "ذبح الرهائن"!
وهو
الأمر الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تصدر أوامر شفوية للشركات
المزودة للإنترنت داخلها والشركات المهيمنة على الإنترنت بضرورة التخلص من
المواقع التي تسبب لسياسة أمريكا الصداع، مما أدى في النهاية إلى إغلاق
آلاف المواقع التي كانت تناهض سياسة واشنطن في العالم.
سباق عتيد!
نعود
كما بدأنا للحديث عن الصحافة، فهناك نظرية تقول أن "صحافة الإنترنت أكثر
حرية من الصحافة الورقية"، وهي فرضية حققت نفسها على أرض الواقع
الافتراضي، لكن ما هو مستقبل تلك الصحافة في مواجهة الصحافة الورقية؟!..
ومن سيفوز في سباق الفوز بالجماهير؟!
كثيرون
بالطبع سوف يجيبون بأن صحافة الإنترنت ستفوز لا محالة، ولكن نظرة دقيقة
للأمور قد تشير إلى أن المنافسة "حامية الوطيس" كما يقولون، وذلك بسبب
ندرة الصحفي الإلكتروني المتخصص، الذي يجمع ما بين الخبرة التحريرية
الصحفي والخبرة في تطبيقات الحاسب والإنترنت، عدم وضوح الرؤية المتعلقة
بمستقبل هذا النوع من الإعلام.
ورغم أن "صحافة البلوجز أو البلوجرز" أثبتت تفوقها، ولكن هناك بالتأكيد غياب للرأي الالكتروني المتميز والحرفي، هذا بجانب غياب عائد السوق (لا تزال الصحافة الالكترونية بلا مردود في ظل غياب المعلن) الذي يشعر بعدم الثقة في هذا الوسيط الإعلامي.
كل هذا يبرز
وسط غياب التشريعات والقوانين الخاصة بصحافة الإنترنت والعاملين فيها،
فصحافة الإنترنت فردية شخصانية، تعطي الإحساس بأنها لشخص يتعامل مباشرة مع
المعلومات.